رونالدينيو أو الدهشة التي لا تزول
ليست سيرة رونالدينيو الكروية إستثتائيةً بسبب فنيّاته
المُدهشة وحسّه التهديفي الرفيع، ولا بسبب فوزه بكأس عالمٍ تألّق فيها العام 2002 أو ببطولات
أوروبية وأميركية لاتينية كان أفضل لاعبي فرقها ومفتاح
انتصاراتها. إستثنائيةُ سيرته تكمن في أنه حقّق كلّ هذا وأكثر وهو يلعب بفرحٍ ومرح
وبلا قيودٍ تفرضها الاحترافيةُ وعوالمها في أبرز أندية العالم. لعب رونالدينيو
(كما غارينشا من قبله) وكأنه يتسلّى في شارع أو زاروب صغير، رغم أن ميدان تسليته
كان الكامب نو والسان سيرو، أو السانتياغو برنابيو حيث وقف له الجمهور يوماً وصفّق
طويلاً مبهوراً بما "اقترفه" بحقّ دفاع ريال مدريد بأكمله ومن خلفه
الحارس كاسياس في عزّ أيّامه.
صنع رونالدينيو في كلّ مركز لعب فيه (كجناح وكرأس حربة
وكلاعب وسط) كرنفالاً: يرقّص الكرة فتبدو بين قدميه وكأنها كائن حيّ يتجاوب معه
وحده دون سواه، يموّه بجسده، يتلاعب بالمدافعين ويُفقدهم توازنهم، يسدّد الركلات
الحرّة اللولبية ويمرّر الكرات العرضية، ويهدّف بحركات أكروباتية يخترعها بنفسه
لنفسه، مُشهراً على الدوام ابتسامةً تساعد أسنانُه الكبيرة المتقدّمة على توسيعها.
لكنّه لم يشأ أن يسجنه الاحتراف والانضباط ويُبعده عن متع الحياة
وسهر لياليها، فلم يستطع الاستمرار طويلاً في "الحرفة" وما تتطلّبه من
مناقبيّة صارمة. قدّم بعضاً من فنّه ورشاقة لعبه في سنوات مكثّفة قضاها في غريميو البرازيلي ثم في باريس سان جرمان الفرنسي وبرشلونة الاسباني وميلانو الايطالي، قبل أن يقرّر العودة الى البرازيل ليُعلن
قبل سنواتٍ اعتزاله وطيّ صفحةٍ من أحلى صفحات تاريخ كرة القدم.
لرونالدينيو الذي لم يرِثهُ أحدٌ بعدُ، التحية والورود الملوّنة، وله الشكر الموصول على ما
أهدانا إياه من سِحر ومن بهجة، أو حتى من ذهولٍ حين كانت لمساتُه وأهدافه مؤلمة!
Commentaires
Enregistrer un commentaire