في أسباب نجاح ريال مدريد في الفوز على ليفربول

لم تكن المباراة النهائية التي جمعت ريال مدريد وليفربول جميلة أو مثيرة بالمعنى التقليدي للكلمة. لكنها كانت درساً تكتيكياً، نجح فيها ريال مدريد في الفوز على فريق أقوى منه بدنياً، وتحمّل ضغطه واستوعبه طيلة الشوط الأول قبل أن يتفوّق عليه في الشوط الثاني بهدف، ويدير المباراة بخبرته ويترك لحارسه العملاق كورتوا التكفّل بثلاث كرات خطيرة سدّدها محمد صلاح.

ويمكن القول إن أسباب فوز ريال مدريد كانت أربعة.

الأول، أداء خط وسطه التاريخي، كروس ومودريش وكاسيميرو، بدعم دائم من أحد أفضل لاعبي الفريق هذا العام فالفيردي. فالرباعي المذكور عرف كيف يبطّئ إيقاع المباراة حين يسيطر على الكرة وكيف يؤخّر من وصول الهجوم الليفربولي الى منطق الجزاء المدريدية حين يفقدها. وفعل ذلك من دون ضغط عالٍ في الملعب لعدم قدرته على مجاراة الانكليز بدنياً أو لناحية السرعة، تاركاً بالتالي لاندفاعهم الهجومي أن يقلّص رقعة اللعب التي يتناقلون فيها الكرة فيمنعهم من توظيف سرعتهم وإحداث الفارق في المجابهات الثنائية، ويترك في نفس الوقت فراغات خلف لاعبيهم المتقدّمين تتيح خلق فرص لفينيسوس ولبنزيما إن نجحت التمريرات نحوهم في إطلاق هجمات مضادة.

الثاني، سيطرة مدريد على يمين ملعبه، حيث نجح كربخال دفاعاً وتمريراً هجومياً، بمساعدة كاسيميرو وفالفيردي، بما مكّنه من لعب كرات أمامية ثم عرضية من الميمنة توفّر مساحة للاعب سريع ومتياسر مثل فينيسوس وتمكّن بنزيما من سحب مدافع أو مدافعين نحوه فتربك بالتالي من تنظيم خط الظهر الليفربولي. ومن تبادل كرات من اليمين، نجح فالفيردي في التمرير العرضي الطويل وسجّل فينيسوس.

السبب الثالث، قدرة الفريق كمجموعة على التركيز الدائم وحتى اللحظة الأخيرة وتحمّل الضغط والتصرّف مع الفرق الكبيرة على نحو يترك لها استلام الكرة وتناقلها في الشوط الأول من دون تعريض النفس للإرهاق الذي يصيب عادةً اللاعبين اللاهثين دفاعياً خلف التمريرات، ثم تبديل الأسلوب في الشوط الثاني وإحداث تكافؤ هو بحدّ ذاته لصالح مدريد القادر نظراً لخبرة نجومه على التسجيل من فرصة أو "نصف فرصة".

والسبب الرابع والأخير، هو إستثنائية حارس المرمى المدريدي كورتوا الذي أنقذ تسع كرات، بينها ثلاث تسديدات صاروخية من مسافات قريبة، فحسم صراعه مع المهاجمين وعزّز معنويات زملائه في خطّي الدفاع والوسط. 

هكذا أحرز ريال مدريد بطولة أوروبا للأندية للمرة الرابعة عشرة في تاريخه مبتعداً كثيراً عن باقي الأندية الأكثر فوزاً بها (ميلانو الايطالي سبع مرّات، وليفربول وبايرن ميونخ الألماني ست مرّات، وبرشلونة الإسباني خمس مرّات)، وتوّج موسماً أوروبياً تحوّلت فيه "معجزاته" الكروية الى تقليد مكّنه من إقصاء باريس سان جرمان وتشيلسي ومانشستر سيتي ثم ليفربول. والأرجح أن مهاجمه وقائده كريم بنزيما سيحرز بعد أشهر حذاءه الذهبي الأول بعد أن تُوّج هدافاً لبطولتي إسبانيا وأوروبا.
ز.م.

Commentaires