اليومان السابع والثامن: تأهّل فرنسا وتعادل ألمانيا وإسبانيا وعودة الأرجنتين وإنجاز مغربي كبير

 في اليومين السابع والثامن، استمرّت مباريات المرحلة الثانية من كأس العالم 2022، وشهدت مفاجآت وتقلّبات وبدت كل الاحتمالات واردة في مسابقة قويّة المستوى حتى الآن ولا يبدو أن الفوارق فيها بين معظم الفرق كبيرة الى حدّ القدرة على تقدير ما سيجري في المقبل من المواجهات.

ولعلّ المباراة الأكثر حساسية التي جرت خلال الويك-إند الطويل، كانت تلك التي جمعت إسبانيا وألمانيا في المجموعة الخامسة.

ويُمكن القول بعد مباراتَي ألمانيا في كأس العالم أن المرحلة الانتقالية لفريقها طالت كثيراً ولم ينجح مدرّبوها منذ إنجازهم الكبير في العام 2014 في إيجاد تشكيلة منسجمة وفعّالة، رغم ما بدا تحسّناً في الآونة الأخيرة ظنّه كثرٌ بداية للصعود. لكن الدفاع محدود القدرات إن في تعامله مع الهجمات الخصمة أو في إخراجه الكرة من منطقته. وخط الوسط، رغم جهود غوندوغان، لا يصنع الهجمات كفايةً لمهاجمين تنقصهم الفاعلية أمام المرمى رغم حيويّتهم وحركتهم الدائمة، ولم ينجحوا في خلق فرص محقّقة سوى مرّتين سجّلوا من واحدة منها. وربّما يكون مهاجمهم فولكروغ حلّاً للّعب في مركز رأس الحربة بما يمكّن الجناحين من توسيع مساحات اللعب الهجومي.

أما الإسبان، فقد استحوذوا على الكرة بسهولة في الشوط الأول من دون خطورة كبيرة على المرمى الألماني. ثم سيطروا وهدّفوا في النصف ساعة الأول من الشوط الثاني، قبل أن يبطّئوا الإيقاع من دون مبرّر فعلي ويعتمدوا على التكتّل في الخلف للعب هجمات مضادة في العمق (عبر موراتا وويليامز)، فأخفقوا في ذلك ممّا كلّفهم هدف التعادل الألماني بعد تبادل كرات سريع على يسار حارسهم. 

سبق الموقعة الإسبانية الألمانية حدوث مفاجأة في المجموعة نفسها تمثّلت بفوز كوستاريكا (التي هُزمت افتتاحاً بسبعة أهداف) على اليابان (التي وجّهت الضربة الأولى الى ألمانيا)، بما جعل المنافسة مفتوحة على بطاقتي التأهل (مع أفضلية إسبانية). 

وفي المجموعة الرابعة، تأهّلت فرنسا الى دور الـ16 بعد فوزها على الدانمارك في مباراة سريعة ولكن متوسّطة في الشوط الأول، وقوية في الشوط الثاني سجّل فيها مبابي مرّتين والدانمارك مرّة. وبرز في المباراة بشكل أساسي الفرنسي غريزمان إذ قاد معظم الهجمات وصنع هدف الفوز، وكان الأنشط في الملعب هجوماً وارتداداً دفاعياً (إضافة الى الهدّاف مبابي). ولا شكّ أن المنتخب الفرنسي استحقّ التأهّل الى الدور القادم نتيجة تنظيمه الجيّد وقدرته على إدارة المباريات وتوظيف إمكانياته لحسمها، وهو أثبت أنه سيدافع عن لقبه بكفاءة.

ورغم خسارة تونس غير المُستحقّة ضد أستراليا، فما زالت لها كما لأستراليا طبعاً والدانمارك حظوظ للتأهل شرط فوزها (الصعب) على فرنسا. أما في حال خسارتها أو تعادلها، فسيكون لنتيجة مواجهة الأستراليين والدانماركيين ما سيحسم بطاقة التأهّل الثانية عن المجموعة. 

في المجموعة الثالثة، اختلطت جميع الأوراق بعد خسارة السعودية أمام بولندا بهدفين رغم الأداء الجيّد الذي قدّمه السعوديون. فإضاعتهم لركلة جزاء وخطأ المدافعَين البليهي والمالكي أمام المهاجم ليفاندوفسكي تسبّبا بالإطاحة بهم ووضعِهم في وضع معقّد، إذ عليهم الفوز على المكسيك للتأهّل أو التعادل معها والرهان على فوز بولندا على الأرجنتين أو تعادلهما لمرافقة الأولى الى دور الـ16. والأرجنتين عادت الى المنافسة نتيجة فوزها على المكسيك بهدفين جميلين من تسديدتين، واحدة زاحفة مباغتة لِليونيل ميسي المنسيّ وحيداً أمام منطقة الجزاء، والثانية لولبية عالية من فرنانديز قضت على فرص المكسيكيّين في تعديل النتيجة. لكن الأرجنتين لم تظهر بعد بمستواها السابق للمونديال، وربما يكون فوزها البارحة انطلاقة جديدة تُحرّر لاعبيها من الضغط النفسي الذي لم يُحسنوا التعامل معه في المباراة الأولى، وهم من المرشّحين للّقب في آخر مشاركة لنجمهم ميسي ولعدد من النجوم الآخرين (في طليعتهم دي ماريا). 

أما في المجموعة الخامسة، فحقّق المغرب أفضل نتيجة، بأداء جيّد في الشوط الأول وممتاز في الشوط الثاني، وهزم المنتخب البلجيكي المرشّح للمنافسة على الكأس. وأظهر المغربيون تماسكاً دفاعياً، واندفاعات هجومية منظّمة عبر الجناحين مع لعب جيد في العمق، والأرجح أن بمقدورهم الفوز على كندا للتأهّل بمعزل عن نتيجة المباراة الأخيرة بين بلجيكا وكرواتيا. والأخيرة، فازت بقيادة لوكا مودريش على كندا بأربعة أهداف لواحد استهلّ به الكنديّون اللقاء. جاء العرض الكرواتي قوياً في الشوط الثاني وأظهر سرعة ومهارة وفاعلية عالية (مستفيداً أيضاً من كثرة الأخطاء الدفاعية الكندية لنقص في الخبرة وفي إدارة فترات الضغط).

بهذا، انتهت مرحلة إضافية من مراحل بطولة من الأفضل منذ فترة طويلة، قوّةً وتنافساً، مع مفاجآت عديدة قد لا تنتهي عند هذا الحدّ، ومع أهداف كثيرة وجميلة، ومع أوّل تأهّل رسميّ، لفرنسا، التي أنهت "النحس" الملازم لكلّ حامل لقب منذ اثني عشر عاماً: إيطاليا بطلة الـ2006 خرجت من الدور الأول في العام 2010، وإسبانيا بطلة الـ2010 خرجت من الدور الأول في العام 2014، وألمانيا بطلة الـ2014 خرجت من الدور الأول في العام 2018.

ز.م.

Commentaires